أسرى بني قريظة.. والحقيقة أن الأمر كان موجها إلى الأنصار
الذين هم قوم سعد وهو أميرهم وسيدهم فعلا، وأنه كان لإنزاله لأنه كان مريضا
، ولذلك جاء النص: " قوموا إليه " وليس: " قوموا له " وأكده زيادة الرواية
الأخرى: " فأنزلوه " فلا علاقة للحديث بموضع النزاع.
ومن ذلك قيامه صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة إذا دخلت عليه، وقيامها
إليه صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها، فإنه صحيح الإسناد، ولكن ليس في
القيام المتنازع فيه، لأنه قام إليها ليجلسها في مجلسه، وقامت إليه لتجلسه
في مجلسها، وهذا مما لا خلاف فيه. ألست ترى القائلين باستحباب القيام
المزعوم لا يقوم أحدهم لابنه ولوكان عالما فاضلا؟ ! بل قال العصام الشافعي
كما في شرح المناوي على " الشمائل ".
" وقد اتفق الناس في القديم والحديث على استهجان قيام الوالد لولده، وإن
عظم، ولووقع ذلك من بعض الآباء لاتخذه الناس ضحكة وسخروا منه "!
وخلاصة القول أنه لا يوجد دليل صحيح صريح في استحباب هذا القيام، والناس
قسمان: فاضل ومفضول، فمن كان من القسم الأول فعليه أن يقتدي بالنبي صلى الله
عليه وسلم فيكره القيام من غيره له، ومن كان من القسم الآخر، فعليه أن يقتدي
بأصحابه صلى الله عليه وسلم، فلا يقوم لمن كان من القسم الأول فضلا عن غيره!
ويعجبني في هذا الصدد ما ذكره الشيخ جسوس في شرحه على " الشمائل " نقلا عن ابن
رشد في " البيان " قال:
" القيام للرجل على أربعة أوجه:
١ - وجه يكون فيه محظورا لا يحل، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن
يحب أن يقام له تكبرا وتجبرا على القائمين له.
٢ - ووجه يكون فيه مكروها، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب
أن يقام له، ولا يتكبر على القائمين له، فهذا يكره للتشبه بفعل الجبابرة
وما يخشى أن يدخله من تغيير نفس المقوم له.
٣ - ووجه يكون فيه جائزا، وهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك،
ولا يشبه