قلت: ليس ذلك لأجل بقية، فإن في الإسناد الذي رجحه البيهقي، أن سليما لقي علي بن علي شيخ بقية، فحدثه بالحديث، فبرئت عهدة بقية منه، ولزمت سلميا هذا، وهو السبب عندي في تضعيف البيهقي لإسناده، لأنه ليس بالمشهور كثيرا، حتى أن الحافظ ابن حجر خفي عليه حاله، فإنه أورده في " اللسان " قائلا: " روى عن بقية ومحمد بن حرب والوليد بن مسلم وعبد الله بن سالم الأشعري وطبقتهم، روى عنه محمد بن عوف الحمصي وطبقته ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهذا عجيب منه، فإن ابن أبي حاتم قد أورده في " الجرح والتعديل "(٣ / ١ / ٤٨ - ٤٩) ووصفه بـ " المعروف بسليم " وزاد في شيوخه " بشر بن شعيب "، وذكر أن أباه روى عنه، وأنه قال:" صدوق ". قلت: فمثله مما تطمئن النفس لحديثه، ويكون حسنا.
ثم استدركت فقلت: إنما ضعفه البيهقي من أجل الأسود بن ثعلبة الشامي، فقد قال فيه ابن المديني:" لا يعرف "، كما في " الميزان ". وذكر له في " التهذيب " عن عبادة بن الصامت قال: " علمت ناسا من أهل الصفة القرآن ... " الحديث. وعنه عبادة بن نسي. قال ابن المديني:" لا أحفظ عنه غير هذا الحديث ". قلت: ويستدرك عليهم هذا الحديث، فإنه ثابت الإسناد إليه، وقال الحاكم فيه:" شامي معروف، والحديث غريب "! ووافقه الذهبي. وهذا الحديث وإن تبين أنه لم يثبت إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالعمل عليه عند أهل العلم، بل نقل الترمذي الإجماع على ذلك، فراجعه (١ / ٢٥٨) ولكن ينبغي أن لا يؤخذ بمفهو مه، فإنها إذا رأت الطهر قبل السبع اغتسلت وصلت أيضا، لأنه لا حد لأقل النفاس، على ما هو المعتمد عند أهل التحقيق.