قلت: وممن عده حديثا، الشيخ أبو الفضل محمد بن محمد الشافعي فإنه قال في كتابه " الظل المورود "(ق ١٢ / ١) : فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:
فذكره، ولا يشفع له أنه صدره بصيغة التمريض - إن كانت مقصودة منه لأن ذلك إنما يفيد فيما كان له أصل ولوضعيف، وأما فيما لا أصل له - كهذا - فلا.
قلت: ثم إن معنى هذا القول غير صحيح عندي، لأن الحسنة لا يمكن أن تصير سيئة أبدا مهما كانت منزلة من أتى بها، وإنما تختلف الأعمال باختلاف مرتبة الآتين بها إذا كانت من الأمور الجائزة التي لا توصف بحسن أو قبح، مثل الكذبات الثلاث التي أتى بها إبراهيم عليه السلام، فإنها جائزة لأنها كانت في سبيل الإصلاح، ومع ذلك فقد اعتبرها إبراهيم عليه السلام سيئة، واعتذر بسببها عن أن يكون أهلا لأن يشفع في الناس صلى الله عليه وعلى نبينا وسائر إخوانهما أجمعين وأما اعتبار الحسنة التي هي قربة إلى الله تعالى سيئة بالنظر إلى أن الذي صدرت منه من المقربين، فمما لا يكاد يعقل، ثم وقفت على كلام مطول في هذا الحديث لشيخ الإسلام ابن تيمية قال فيه: هذا ليس محفوظا عمن قوله حجة، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من سلف الأمة وأئمتها وإنما هو كلام لبعض الناس وله معنى صحيح وقد يحمل على معنى فاسد، ثم أفاض في بيان ذلك فمن شاء الإطلاع عليه فليراجعه في رسالته في التوبة (ص ٢٥١ - ص ٢٥٥) من " جامع الرسائل " تحقيق صديقنا الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله تعالى.