" إن عبد الأعلى لم يتفرد به، وإنما تابعه بكر بن سوادة عند الطبري في " التفسير " (١ / ٣٥) من طريق عبد بن حميد قال: حدثنا جرير عن ليث عن بكر عن سعيد بن المسيب (!) به. وجرير هو ابن عبد الحميد، وليث هو ابن سعد.. وهذا إسناد صحيح ".
فأقول: نعم، هو صحيح لوكان الأمر كما ذكر في رواته، وليس كذلك، مع أوهام أخرى لابد لي من بيان ذلك كله، عسى أن يكون في ذلك عبرة لهؤلاء الناشئين المتعلقين بهذا العلم، ويعلموا أن التحقيق فيه ليس بالسهو لة التي يتصورونها:
أولا: قوله في الإسناد: ".. المسيب " خطأ، ولعله سبق قلم، والصواب:".. جبير "، كما هو ظاهر من سياق كلامه وكما هو الواقع في " تفسير الطبري "، والأمر في مثل هذا سهل قلما ينجومنه كاتب أوباحث.
ثانيا: قوله: " وليث هو ابن سعد "، ليس باللازم، لأن كل مستنده في ذلك إنما هو أنهم ذكروا الليث بن سعد في الرواة عن بكر. فلقائل أن يقول: من الممكن أن يكون هو ليث بن أبي سليم الضعيف، فإنهم ذكروه في شيوخ جرير بن عبد العزيز دون الليث بن سعد. فالله أعلم.
ثالثا: قوله: " عبد بن حميد " خطأ مزدوج، وذلك لأنه:
١ - لم يسم الرجل في " الطبري " وإنما قال: " ابن حميد "، فالتسمية بـ " عبد " من المعلق.
٢ - أنها تسمية خطإ منه، وإنما هو محمد بن حميد الرازي، فإنه هو المعروف عند العلماء برواية الطبري عنه، والإكثار عنه، وهو تارة يسميه، وتارة يكتفي بنسبته لأبيه، وقد قال في حديث آخر (١٠) : حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد. فإذا عرفت هذا فالإسناد ضعيف أيضا.
٣ - لوصح السند إلى بكر بن سوادة لم يجز أن يقال عند العارفين بهذا العلم إنه متابع لعبد الأعلى، لأنه: أولا: لم يروالحديث بتمامه، وإنما الجملة الأخيرة منه.