على هذا الأجر المذكور مع أنه لم يأت عملا يطهر به نفسه ويزكيها! ومن العجائب أن ترى بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص يلحقهم بسبب تساهلهم هذا ولا يهمهم ذلك أبدا، أما الصلاة في العمامة فأمر لا يستهان به عندهم! ومن الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم يرضوه حتى يتعمم، وإذا تقدم متعمم ولوكان عاصيا بحلقه للحيته لم يزعجهم ذلك ولم يهتموا له فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه، وأو جبوا، أو كادوا أن يوجبوا ما أباحه، والعمامة إن ثبت لها فضيلة فإنما يراد بها العمامة التي
يتزين بها المسلم في أحواله العادية! ويتميز بها عن غيره من المواطنين، وليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدي بها عبادة في دقائق معدودة، فما يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه! والمسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة
أكثر من حاجته إليها داخلها بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر ولا سيما في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر حتى صار من العسير أن يفشي المسلم السلام على من عرف ومن لم يعرف، فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة النافعة إلى العمامة المبتدعة، وسول لهم أن هذه تكفي وتغني عن تلك وعن
إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم:
" خالفوا المشركين احفوا وفي رواية قصوا الشوارب وأو فوا اللحى "، رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر وغيره وهو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة "(ص ٩٣ - ٩٥) .
وما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية مستعارة عند القيام إليها! ولئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا فإني لا أستبعد أن أراها يوما ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين. فقد قرأت في " جريدة العلم الدمشقية " عدد (٢٤٨٥) بتاريخ ٢٥ ذي القعدة سنة ١٣٦٤ هـ ما نصه: