وبهذه المناسبة وعلى سبيل العبرة، أذكر ما سمعته نهار أمس (٣٠ رجب سنة ١٤١٦) من خطيب المسجد، وهو يحثّ الناسَ على التعاون، وقضاء حاجة المسلم، ويقرأ لهم من ورقتين أحاديثَ كتبها، أو كُتِبتْ له، وأكثرُها ضعيف لا يصحّ، وكان يعلق على بعضها من ذاكرته، ويرفع بذلك صوتَه، فذكر جملةً متداولة اليوم؛ وهي:" الدين المعاملة "، فكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونسبها إليه أكثر من مرة، بل إنه زاد في الطين بلة، فزعم أنها من مفاخر الإسلام، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حصر الإسلام في كلمتين فقط:" الدين المعاملة "! ولعله لجهله اشتبه عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " الدين النصيحة "! ولا أصل لذلك، ولا في الأحاديث الموضوعة! والله المستعان.
ولا يفوتني أن أذكّر بما يأتي:
طال ما أقول مذكراً إخواني: إن العلم لا يقبل الجمود، أكرر ذلك في مجالسي ومحاضراتي، وفي تضاعيف بعض مؤلفاتي (١) ، وذلك مما يوجب على المسلم أن يتراجع عن خطئه عند ظهوره، وأن لا يجمد عليه، أسوة بالأئمة الذين كان للواحد منهم في بعض الرواة أكثر من قول واحد توثيقاً وتجريحاً، وفي المسألة الفقهية الواحدة أقوال عديدة، وكل ذلك معروف عند العلماء. من أجل ذلك فإنه لا يصعب علي أن أتراجع عن الخطأ إذا تبين لي، و " ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُون ". ولذلك فإني أقول:
(١) انظر مقدمة الطبعة الجديدة للمجلد الأول من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " ومقدمة المجلد السادس من " سلسلة الأحاديث الصحيحة ".