وأما قول المنذري في " الترغيب "(٣ / ١٢٩) بعد أن ساق كلام الترمذي في قيس ابن الربيع: قيس بن الربيع صدوق وفيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد الحسن.
قلت: وهذا كلام مردود بشهادة أولئك الفحول من الأئمة الذين خرجوه وضعفوه فهم أدري بالحديث وأعلم من المنذري، والمنذري يميل إلى التساهل في التصحيح والتحسين، وهو يشبه في هذا ابن حبان والحاكم من القدامى، والسيوطي ونحوه من المتأخرين، وفي الباب حديث آخر ولكنه منكر، تقدم برقم (١١٧) ، ثم قال المنذري: وقد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام، قال البيهقي: وكذلك مالك ابن أنس كرهه، وكذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه، واحتج بالحديث، يعني حديث ابن عباس قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي بالطعام، فقيل: ألا تتوضأ؟ قال:" لم أصل فأتوضأ ".
رواه مسلم وأبو داود والترمذي بنحوه إلا أنهما قالا:" إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة ".
قلت: فهذا دليل آخر على ضعف الحديث وهو ذهاب هؤلاء الأئمة الفقهاء إلى خلافه ومعهم ظاهر هذا الحديث الصحيح.
وقد تأول بعضهم الوضوء في هذا الحديث بمعنى غسل اليدين فقط، وهو معنى غير معروف في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى "