من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة، فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها فهي في كتبهم الخرافية، ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية خرافة إسرائيلية وأن الحديث المرفوع لا يثبت.
قلت: وقد استنكره جماعة من الأئمة المتقدمين، فقد روى حنبل الحديث من طريق أحمد ثم قال: قال أبو عبد الله (يعني الإمام أحمد) : هذا منكر، وإنما يروى عن كعب، ذكره في " منتخب ابن قدامة "(١١ / ٢١٣) ، وقال ابن أبي حاتم في " العلل "(٢ / ٦٩ - ٧٠) : سألت أبي عن هذا الحديث؟ فقال: هذا حديث منكر.
قلت: ومما يؤيد بطلان رفع الحديث من طريق ابن عمر أن سعيد بن جبير ومجاهدا روياه عن ابن عمر موقوفا عليه كما في " الدر المنثور " للسيوطي (١ / ٩٧ - ٩٨) وقال ابن كثير في طريق مجاهد: وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر، ثم هو - والله أعلم - من رواية ابن عمر عن كعب كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه، ومن ذلك أن فيه وصف الملكين بأنهما عصيا الله تبارك وتعالى بأنواع من المعاصي على خلاف وصف الله تعالى لعموم ملائكته في قوله عز وجل:{لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} .
وقد رويت فتنة الملكين في أحاديث أخرى ثلاثة، سيأتي الكلام عليها في المجلد الثاني رقم (٩١٠ و٩١٢ و٩١٣) إن شاء الله تعالى.