وكنت أود أن يشاركنا الشيخ في نقده إيانا في تطبيق تلك القواعد العلمية التي سبقت الإشارة إليها، وفي تجديد العمل بها. ولكنه وإن حاول ذلك، فإنه لم يستطع الاستمرار عليه، بل عدل إلى تقليد بعض العلماء ممَّن وافق قولهم رأيه، وإلى اتهامنا بمخالفتهم، وبسح الفهم لكلامهم! وبالتهور والتحكم النفساني! وسود صفحات كثيرة بأمور لا علاقة لها بمحل النزاع، ولا هي موضع خلاف. وأورد فيها- على صغر حجمها- كثيراً من الأحاديث الضعيفة والآثار الواهية، وحسبك مثالًا على ذلك حديث أورده في الصفحة الأولى بلفظ: "إن محرم الحلال؛ كمستحل الحرام ". ولا يصح رفعه؟ إنما هو موقوف! وقد بينت ذلك، وخرجته تخريجاً علميّاً فيما سيأتي برقم (٦٢١٥) من المجلد الثالث عشر. انتقد الشيخ عليَّ حكمي على حديث: "نعم المذكر السبحة" بالوضع (انظر رقم ٨٣) ، وحكمي على الحديثين المذكورين فيه من حديث صفية وسعد بالضعف، فذهب إلى أن الأول ضعيف لا موضوع، وإلى أن الآخرين صحيحان لا ضعيفان! فرددتُ عليه في مجلة "التمدن" بينت فيها خطأه في ذلك بأسلوب علمي نزيه؛ خلافاً لما جرى هو عليه في رسالته، ثم نشرنا في ذلك رسالة مفردة بعنوان "الرد على التعقب الحثيث "، فمن شاء الاطلاع على الحقيقة؛ فليرجع إليها. وفي أثناء نشرنا الرد في المجلة، ولما يكد ينته، طلع علينا فضيلة الشيخ الحبشي برد آخر سماه " نصرة التعقب الحثيث "، شحنه بالمغالطات والسب، والافتراء، والخروج عن الرد بالتي هي أحسن، حتى لقد أنذرني بسوء الخاتمة إن أنا استمررت على نهجي العلمي المخالف لفهمه وعلمه! فلما رأيت ذلك؛ صرفت النظر عن الرد عليه مرة أخرى، حرصاً مني على الوقت؛ كما بينته في خاتمة ردي المشار إليه، ولعلنا نذكر بعض شبهاته عند الكلام على الحديث المشار إليه آنفاً.