فأستبعد أن يكون أحدهما هو الموثق، وخصوصاً (أحمد بن شعيب) وهو الإمام النسائي، فإنه لو كان ذلك منه لعرفه الحفاظ كالذهبي والعسقلاني، ولذكروه في ترجمة الرجل، فإعراضهم عنه دليل على أنه لا أصل له.
فإذن؛ من أين جاء هذا التوثيق؟ وعليه أقول:
إما أن يكون مقحماً من بعض النساخ، أو هو من أوهام الدولابي نفسه، فإنه متكلم فيه. والله أعلم.
هذا، وقد غفل عن علة الحديث المناوي، وتبعه في ذلك من تخصص بتتبع زلاته؛ فوقع فيها، فقال المناوي في "فيض القدير":
"رمز المصنف لحسنه، لكن فيه (بشر بن منصور الحناط / الأصل الخياط) أورده الذهبي في "المتروكين"، وقال: هو مجهول قبل المئتين".
فتعقبه الشيخ الغماري في "المداوي"(١/ ١٥٨) بما خلاصته: "إن (بشر ابن منصور الحناط) ثقة، فالحديث حسن كما قال المصنف، لا سيما وقد ورد عن أنس من طريق آخر على شرط الصحيح مختصراً".
قلت: ولي على هذا التعقب ملاحظات:
الأولى: متابعته في الغفلة عن العلة الحقيقية، وهي (عمار بن زربي) ولو أنه تنبه لها لأرعد وأزبد على المناوي!
الثانية: موافقته إياه على أن (بشراً) هذا هو الحناط، وهو خطأ لأمرين اثنين:
أحدهما: أنهم لم يذكروا في الرواة عنه (عماراً) هذا. وإنما ذكروه في الرواة عن (بشر بن منصور السليمي) .
والآخر: أن لعمار هذا حديثاُ آخر قال فيه: حدثنا بشر بن منصور عن شعيب