القيم في " زاد المعاد "(٣ /٩٧) : وأما الحديث الدائر على ألسنة كثير من الناس: الحمية رأس الدواء، والمعدة بيت الداء، وعودوا كل جسم ما اعتاد، فهذا الحديث إنما هو من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب، ولا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قاله غير واحد من أئمة الحديث.
لكن ذكر السخاوي أن الخلال روى من حديث عائشة:" الأزم دواء، والمعدة داء، وعودوا بدنا ما اعتاد ".
وظاهره أنه مرفوع، وقد صرح بذلك السيوطي في " الدرر " كما في " كشف الخفاء "(٢ / ٧٤ / ١٧٨٨) ، وأورده في " الجامع الكبير "(١ / ٣٢٠ / ٢) ولكنهم لم يذكروا إسناده لينظر فيه، وغالب الظن أنه لا يصح، والله أعلم.
ثم رأيت ابن القيم ذكره في " الزاد "(٣ / ١٠٢) من كلام الحارث بن كلدة أيضا بهذا اللفظ وهو الأشبه، ثم قال ابن القيم: والأزم: الإمساك عن الأكل يعني به الجوع، وهو من أكبر الأدوية في شفاء الأمراض الامتلائية كلها بحيث أنه أفضل في علاجها من المستفرغات.
وبهذه المناسبة أقول: لقد جوعت نفسي في أو اخر سنة ١٣٧٩ أربعين يوما متتابعا، لم أذق في أثنائها طعاما قط، ولم يدخل جوفي إلا الماء! وذلك طلبا للشفاء من بعض الأدواء، فعوفيت من بعضها دون بعض، وكنت قبل ذلك تداويت عند بعض الأطباء نحوعشر سنوات دون فائدة ظاهرة، وقد خرجت من التجويع المذكور بفائدتين ملموستين: الأولى: استطاعة الإنسان تحمل الجوع تلك المدة الطويلة خلافا لظن الكثيرين من الناس.
والأخرى: أن الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية كما قال ابن القيم