وعلق عليه الشيخ أبو غدة متعقباً له - على خلاف عادته -، فقال:
"قلت: هذا توسع غير ناهض؛ فقد جاء ذكر الخيرية للقرن الخامس أيضاً كما في "مجمع الزوائد" (١٠/ ١٩) من حديث (عبد الله بن حوالة) . رواه أحمد وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح".
قلت: وهذا التعقب وإن كان في نفسه صحيحاً عندنا لموافقته مذهب المحدثين في ترك الاحتجاج بالمرسل - سوى مرسل الصحابي - على ما هو مشروح في علم المصطلح؛ فإن لنا عليه مؤاخذات:
الأولى: أن مؤلف "القواعد" لما ذكر من قبل (ص١٣٨) أن المختار عند الحنيفة قبول مرسل أهل القرن الثاني والثالث، لم يعلق عليه أبو غدة، بل تلقاه بالتسليم؛ لأنه مذهبه! بل زاد على ذلك، فاستدل له بحديث البخاري:"خير أمتي قرني ... " الحديث؛ بالإضافة إلى استدلال المؤلف على ذلك بالإجماع والمعقول، وكل ذلك مردود عند التحقيق، وليس هذا محل بيان ذلك، فإذا كان استدلال المؤلف واستشهاد المعلق صحيحاً، فيلزمهما طرد هذا الاستدلال، وهذا ما صنعه المؤلف حينما عثر على حديث جعدة بن هبيرة، فاستدل به على الاحتجاج بمرسل القرن الرابع أيضاً كما سبق، فقول الشيخ:
"هذا توسع غير ناهض"؛ نقض لما سلم به هناك؛ لأن الدليل واحد، بل كان الواجب عليه أن يلزم المؤلف بالاحتجاج بمرسل القرن الخامس أيضاً بنفس الدليل الذي استدل به للقرن الرابع وهو حديث بريدة، وإلا؛ كان المؤلف متناقضاً، ولكن المؤلف طرد استدلاله، وأما المعلق فهو الذي تناقض!
والحق؛ أن الحديث ليس له علاقة بتوثيق أهل القرون الثلاثة بالمعنى الذي