قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ المبارك هذا متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، ومن طريقه رواه البزار أيضاً كما في "المجمع"(١٠/ ٤٠٨) ؛ إلا أنه وقع - فيه وكذا في "كشف الأستار"(٤/ ٢٠٨/ ٣٥٤٥) -: "ولا يكوون" بدل: "ولا يرقون"، وكلاهما منكر مخالف لحديث ابن عباس وغيرهما، في "الصحيحين" وغيرهما بمعناه؛ دون هذين اللفظين.
وقد صح عندهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرقي ويكوي، في غير ما حديث صحيح.
ولا يخدج فيما ذكرت ما وقع في رواية لمسلم في حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً من الجمع بين (لا يرقون ولا يسترقون) ؛ فإنها رواية شاذة، أخطأ فيها أحد رواته عنده، فغير الحديث فزاد وأنقص؛ زاد (لا يرقون) ، وأسقط (لا يكتوون) !! خلافاً لرواية الجماعة لحديث ابن عباس الذين رووه بلفظ:
"لا يسترقون، ولا يكتوون..".
وإن مما يؤكد الشذوذ المذكور، مخالفته لسلئر الأحاديث الواردة في الباب، مثل حديث عمران بن حصين عند مسلم وأبي عوانة وغيرهما، وحديث ابن مسعود عند البخاري في "الأدب المفرد" وغيره، فليس فيهما الجمع بين اللفظين المذكورين، بل إنهما وفق حديث ابن عباس عند الجماعة. فذلك كله يؤكد شذوذ لفظ "لا يرقون"، مع مخالفته للسنة العلمية كما تقدم.
وقد كنت ذكرت شيئاً من هذا التحقيق في بعض التعليقات أكثر من مرة. ثم جاءت هذه المناسبة فزدته بياناً، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، والهادي إلى أقوم طريق.