من صفات أفعاله عز وجل؛ كاستوائه على عرشه، ومجيئه يوم القيامة، الثابتين في نصوص القرآن الكريم، يجب الإيمان والإذعان له على ما يليق بذاته تعالى؛ دون تعطيل أو تشبيه؛ إذ الصفة يقال فيها ما يقال في ذاته تعالى؛ فكما أننا نؤمن بذاته دون أن نكيفها، فكذلك نؤمن بصفاته كلها - ومنها النزول وغيره - دون أن نكفيها، فمن نفى نزوله تعالى حقيقة على ما يليق به بطريق التأويل؛ لزمه أن ينفي وجود ذات الله تعالى بنفس الطريق، وإلا؛ فهو متناقض؛ كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في عديد من كتبه مثل "شرح حديث النزول"، و "التدمرية"، و "الحموية" ونحوها.
ويعجبني بهذه المناسبة ما ذكره البيهقي في "الأسماء"(ص ٤٥٣) بعد أن روى عن عبد الله بن المبارك أنه سئل: كيف ينزل؟ قال: ينزل كما يشاء. قال: قال أبو سليمان رحمه الله (يعني الخطابي) :
"وإنما ينكر هذا وما أشبهه من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما شاهده من النزول؛ الذي هو نزلة من أعلى إلى أسفل، وانتقال من فوق إلى تحت، وهذا صفة الأجسام والأشباح، فأما نزول من لا يستولي عليه صفات الأجسام؛ فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه، وإنما هو خبر عن قدرته ورأفته بعباده، وعطفه عليهم، واستجابته دعاءهم، ومغفرته لهم، يفعل ما يشاء، لا يتوجه على صفاته كيفية؛ ولا على أفعاله كمية. سبحانه (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) . قال: وهذا من العلم الذي أمرنا أن نؤمن بظاهره، وأن لا نكشف عن باطنه، وهو من جملة المتشابه. ذكره الله في كتابه فقال:(هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) الآية؛ فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي والعمل، والمتشابه يقع به الإيمان والعلم الظاهر، ويوكل باطنه إلى