فأشار إلى أنه ليس ثقة في الرواية، وهو ما صرح به أبو نعيم وابن مردويه كما تقدم، فلا تنافي بين قول الجزري وقوليهما، خلافاً لما ظنه الأيوبي في "مناهله".
على أنه قد فاته أن الراوي عنه ضعيف أيضاً، وهو أبو الفضل الخزاعي، واسمه محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل؛ أورده الذهبي أيضاً، فقال:
"ألف كتاباً في قراءة أبي حنيفة، فوضع الدارقطني خطه بأن هذا موضوع لا أصل له. وقال غيره: لم يكن ثقة".
وقال الخطيب في "تاريخه"(٢/ ١٥٨) :
"كان أبو الفضل الخزاعي شديد العناية بعلم القراءات، ورأيت له مصنفاً يشتمل على أسانيد القراءات المذكورة، فيه عدة من الأجزاء، فأعظمت ذلك واستنكرته، حتى ذكر لي بعض من يعتني بعلوم القراءات أنه كان يخلط تخليطاً قبيحاً، ولم يكن على ما يرويه مأموناً. وحكى لي القاضي أبو العلاء الواسطي عنه أنه وضع كتاباً في الحروف، ونسبه إلى أبي حنيفة. قال أبو العلاء: فأخذت خط الدارقطني وجماعة من أهل العلم كانوا في ذلك الوقت؛ بأن ذلك الكتاب موضوع لا أصل له، فكبر عليه ذلك وخرج من بغداد إلى الجبل. ثم بلغني بعد أن حاله اشتهرت عند أهل الجبل، وسقطت هناك منزلته".
ولم يعبأ بهذا كله العلامة الجزري، فوثق الخزاعي، وليس له ذلك، بعدما علمت من حاله وتخليطه واستنكار الخطيب عليه، ونسبة أبي العلاء الواسطي وغيره إياه إلى الوضع على أبي حنيفة، وأما قول الجزري:
"قلت: لم تكن عهدة الكتاب عليه، بل على الحسن بن زياد كما تقدم (يعني في ترجمته الحسن هذا، وهو اللؤلؤي: ج١ص٢١٣) ، وإلا؛ فالخزاعي إمام جليل من أئمة القراء الموثوق بهم. والله أعلم".