وقال الزركشي في " تخريج أحاديث الشرح ": هذا حديث منكر، فيه ضعفاء، ومجاهيل، وانقطاع، قال: وقد استدل على بطلانه بقوله صلى الله عليه وسلم: " إني أراكم من وراء ظهري "، كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص ١٢٢ - ١٢٣) و" تنزيه الشريعة " لابن عراق (٣٠٨ / ١ - ٢) .
قلت: والاستدلال المذكور فيه نظر، لأن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه إنما هي في حالة الصلاة كما تدل عليه الأحاديث الواردة في الباب، وليس هناك ما يدل على أنها مطلقة في الصلاة وخارجها، فتأمل.
وللحديث طريق أخرى رواه أبو نعيم في " نسخة أحمد بن نبيط " وهي موضوعة كما سيأتي (برقم ٥٦٢) ، ولعل الحديث أصله من الإسرائيليات التي كان يرويها بعض أهل الكتاب، تلقاها عنه بعض المسلمين، فوهم بعض الرواة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رأيت الحديث في " كتاب الورع " لابن أبي الدنيا (١٦٢ / ٢) موقوفا على ابن جبير، فقال: أخبرنا محمد بن حسان السمتي عن خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير قال: " كان فتنة داود عليه السلام في النظر ".
وهذا الإسناد فيه ضعف وهو مع ذلك أولى من المرفوع.
وقصة افتتان داود عليه السلام بنظره إلى امرأة الجندي أو ريا مشهورة مبثوثة في كتب قصص الأنبياء وبعض كتب التفسير، ولا يشك مسلم عاقل في بطلانها لما فيها من نسبة ما لا يليق بمقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مثل محاولته تعريض زوجها للقتل، ليتزوجها من بعده! وقد رويت هذه القصة مختصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فوجب ذكرها والتحذير منها