الأولى: أن ما نقله من كتاب ابن أبي حاتم وهم محض؛ لأن ذلك إنما قاله ابن أبي حاتم في ترجمة صدقة بن عيسى (٢/ ١/ ٤٢٨) ، وهي عنده عقب ترجمة صدقة أبي توبة مباشرة، فلعل هذا هو سبب الوهم؛ انتقل بصره حين النقل من ترجمته إلى ترجمة الذي يليه، وأستبعد أن يكون تعمد ذلك تقوية للحديث بتقويته للراوي المجهول تعصباً منه لمذهبه! فصدقة بن عيسى هو غير صدقة أبي توبة عند ابن أبي حاتم، وكذلك غاير بينهما البخاري في "التاريخ"(٢/ ٢/ ٢٩٣-٢٩٤) ، ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً.
والأخرى: أن توثيق ابن حبان لأبي توبة - مع تساهله المعروف في التوثيق - معارض بقول الذهبي في "كنى الميزان" - وتبعه العسقلاني -:
"اسمه صدقة الرهاوي، لا يعرف، تفرد عنه معاوية بن صالح".
وصدقة بن عيسى المتقدم، قد أعاد ابن أبي حاتم ذكره في حرف العين فقال:"عيسى بن صدقة، ويقال: صدقة بن عيسى أبو محرز، والصحيح الأول. قال أبو الوليد: ضعيف. وقال أبو زرعة: شيخ. وكذا قال أبو حاتم وزاد: يكتب حديثه".
وقال الدارقطني:"متروك". وقال ابن حبان:"منكر الحديث".
قلت: فمن المحتمل أن يكون عيسى هذا هو صدقة بن عيسى، الذي انقلب اسمه على بعض الرواة، ويكون هو نفسه صدقة أبو توبة، فإن ثبت هذا فهو ضعيف متروك، وإلا فهو مجهول.
وبالجملة؛ فكل هذه الطرق إلى عمرو بن شعيب واهية، وبعضها أوهى من بعض. ولذلك قال البيهقي في "المعرفة":