فالعجب منه كيف قال في "الفتح"(٢/ ٢٧٤) بعد أن عزاه لابن أبي شيبة في "المصنف":
"وإسناده حسن"!
وقلده ذاك السقاف الإمعة في كتاب أخرجه حديثاً، أسماه - معارضة لكتابي "صفة الصلاة" -: "صحيح صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليها"!! وهو في الحقيقة حري باسم: "صفة صلاة الشافعية ... "؛ لأن تقيلده فيه لهم جلي جداً عند العارفين بمذهبهم، ومن ذلك ما دل عليه هذا الحديث الواهي من عدم وجوب وضع الكفين على الركب، فإنه مذهب الشافعية كما في "المجموع"(٣/ ٤١٠) مع أنه ثابت في بعض طرق حديث المسيء صلاته كما في "صفة الصلاة"، وهو مخرج في "الإرواء"(١/ ٣٢١-٣٢٢) ، و "صحيح أبي داود"(٧٤٧) ، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن الجارود (١٩٤) . وقد ذكر النووي نفسه في الموضع المشار إليه أن الحديث جاء لبيان أقل الواجبات، ومع ذلك لم يأخذوا بهذا الأمر منه، وتعصب لهم هذا المقلد الدعي وتجاهل هذا الأمر، فلم يذكره فيما ذكر من ألفاظ الحديث في أول كتابه (١) ، وتمسك بهذا الحديث الواهي ضرباً به لهذا الحديث الصحيح في الصدر، مقلداً لمن حسنه غافلاً عن علته الظاهرة سنداً؛ أو متغافلاً لو كان عالماً بها، وعن علته القائمة في متنه لو كان فقيهاً، ألا وهي إباحته للتطبيق مع تصريحه عقبه بسطر أنه منسوخ، فهو في الحقيقة يلعب على الحبلين - كما يقال -؛ فإنه ساق هذا الأثر ليضرب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوضع على الركب، ثم ضرب
(١) ثم رأيته قد ذكره (ص ١٥٤) مستدلا به على مد الظهر والعنق في الركوع، وصححه، فثبت أن تجاهل دلالته على وجوب الوضع المشار إليه تعصبا لمذهبه على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -! وكفى بذلك ضلالا!!