وأقول: في هذا الكلام غير قليل من الأضاليل والأكاذيب، وهاك البيان:
الأول: ما عزاه لـ "التهذيب"؛ فإنه ليس فيه ما زعمه من الاحتجاج؛ فإن نصه فيه:
"وقال عباس الدوري: سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر؟ فقال: حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج ... "
قلت: فذكر الأثر. فليتأمل القارىء كيف حرف جواب ابن معين للسائل إلى الاحتجاج بما روى له بالإسناد لينظر فيه؟!
الثاني: ما عزاه لأحمد؛ منكر لسببين:
أحدهما: أن شيخ الخلال فيه الحسن بن أحمد الوراق؛ لا يعرف.
والآخر: أنه مخالف لما رواه أبو داود قال:
"سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا".
وهو مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك، وقال هذا:
"ما علمت أحداً يفعل ذلك".
فكيف مع هذا كله يكون هذا العزو لأحمد، بل وأثر ابن عمر نفسه صحيحاً؟!
الثالث: ما عزاه لعلي بن موسى الحداد، يقال فيه ما قلنا في الذي قبله؛ لأن الراوي عنه هو الوراق المذكور آنفاً، بل وزيادة؛ وذلك؛ لأن الحداد هذا غير معروف في الرواة فضلاً عن العلماء، فكيف جاز لذاك السقاف أن يقرنه مع الإمامين ابن معين وأحمد، ولا يعرف إلا في رواية الخلال هذه؛ لولا الهوى والإضلال!