والعلة الأخرى: اختلاط أبي إسحاق، وقد اختلف عليه في إسناده، فراوه الثقتان المذكوران كما تقدم. وخالفهما زيد بن أبي أنيسة فقال: عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن ابن مسعود مرفوعاً به.
أخرجه ابن حبان (١٩٠٧ - موارد) .
قلت: وزيد بن أبي أنيسة ثقة من رجال الشيخين، وقد خالف في موضعين: أحدهما: جعله من مسند ابن مسعود، وهو عندهما من مسند ابن عمرو، والآخر: سمى تابعيه عمرو بن ميمون - وهو ثقة - وعندهما: وهب بن جابر المجهول.
ويغلب على الظن أن هذا الاضطراب إنما هو من تخاليط أبي إسحاق، حدث به في اختلاطه.
ثم تكشفت لي علة ثالثة؛ وهي الوقف والاختصار في المتن، فقال شعبة: عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو قال:
"إن من بعد يأجوج ومأجوج لثلاث أمم لا يعلم عدتهم إلا الله: تاويل، وتاريس، ومنسك".
أخرجه أبو عمرو الداني في "الفتن"(ق ١٤١/ ١) من طريقين عن محمد ابن يحيى، عن أبيه، عن عاصم بن حكيم، عن شعبة به.
ولعل هذه الرواية أصح مما تقدم؛ لما هو معروف أن شعبة روى عن أبي إسحاق قبل اختلاطه، لكن في الطريق إليه محمد بن يحيى، عن أبيه، ولم أعرفهما الآن. والله أعلم.
وبالجملة؛ فمدار الحديث على أبي إسحاق، والأكثر على أن شيخه فيه وهب ابن جابر؛ وهو مجهول، فهو علة هذا الحديث. وقد سكت عنها الحافظ في