قلت: من الواضح جداً أن هذا الحديث واه من حيث الرواية، ولكن يبدو لي أن معناه صحيح من حيث الدراية؛ فقد ثبت عن عائشة نفسها أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من حمل من أمتي ديناً، ثم جهد في قضائه، فمات ولم يقضه؛ فأنا وليه".
وإسناده صحيح، كما هو مبين في "الصحيحة"(٣٠١٧) .
فقوله:"فأنا وليه"؛ أي: أقضي عنه، فهو مثل قوله في حديث الترجمة "فإنه دين مقضي". يعني من المدين عند الاستطاعة، أو من ولي الأمر عند العجز، كما في هذا الحديث الصحيح، فإن لم يقع ذلك كما هو مشاهد اليوم، أدى الله عنه يوم القيامة كما في حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً:
"من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ... " الحديث. وهو مخرج في "غاية المرام"(٢٠٧/ ٣٥٢) .
وفي حديث آخر من رواية ميمونة رضي الله عنها:
" ... إلا كان له من الله عون".
وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (١٠٢٩) من ثلاث طرق عنها، وسكت الحافظ عنه في "الفتح"(٥/ ٥٤) مشيراً إلى أنه قوي عنده.
والعون المذكور فيه يفسر بوجه من الوجوه الثلاثة التي فسرت بها حديث عائشة رضي الله عنها، وهكذا فالأحاديث يفسر بعضها بعضاً. ولذلك جاء عن بعض السلف أنه كان يستدين ابتغاء العون المذكور: ميمونة نفسها، ففي حديثها أنه كان يقال لها: ما لك وللدين ولك عنه مندوحة؟ فتذكر الحديث وتقول: