وإذا عرفت ضعف هذا الحديث؛ فقد أخطأ فيه بعض الكبار وغيرهم؛ فقال القرطبي في "الجامع"(٢/ ١٥٩) :
"قد روى ابن جريج ... " إلخ.
فجزم برواية ابن جريج؛ وفي الطريق إليه من عرفت من المجهولين.
ثم نقل ذلك عنه ابن كثير في "تفسيره"(١/ ١٩٢-١٩٣) ساكتاً عليه؛ فما أحسن؛ لأنه اغتر به من لا علم له بهذا الفن ممن اختصر كتابه، مثل الشيخ الصابوني، فأورده في "مختصره"(١/ ١٣٨) وقد زعم في مقدمته:
أنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة، وحذف الأحاديث الضعيفة! وهو في ذلك كاذب، كما كنت بينت ذلك بالأمثلة في مقدمة المجلد الرابع من "الصحيحة"(ص:هـ - م) ، وهذا الحديث مثال آخر على إفكه وكذبه وادعائه ما لا علم له به.
ويؤسفني أن أقول:
لقد علمت فيما بعد أنه سبقه إلى هذه الدعوى الكاذبة بعض من يدعي السلفية، بل ويزعم أنه "مؤسس الدعوة السلفية"! ثم قيد ذلك بعد أن بينا له خطأه في بعض رسائلي بقوله: "بحلب"! ثم رفع هذا الزعم كله في بعض ما كتب بعد، ألا وهو الشيخ محمد نسيب الرفاعي؛ فإنه أورد أيضاً هذا الحديث في "مختصره لتفسير ابن كثير"، مع تصريحه في مقدمة الطبعة الأولى منه أنه ضرب صفحاً عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة ... معتمداً في ذلك - أولاً - على ما اعتمد ابن كثير نفسه صحته، ثم على ما أعلم صحته من الأحاديث الواردة مما لم يشر إليه المفسر رحمه الله.