وبهذا التخريج والتحقيق؛ يتبين للناقد البصير أن أكثر طرق الحديث شديدة الضعف، لا يتقوى الحديث بمجموعها.
ويبدو أن الشيخ صالح المقبلي لم يكن تفرغ لتتبعها وإمعان النظر فيها؛ وإلا لم يقل في كتابه "العلم الشامخ"(ص ٥٢٠) :
"أخرجه الحاكم في "المستدرك" عن أبي ذر. وكذلك الخطيب وابن جرير والطبراني عن ابن عباس وأبي ذر أيضاً، والبزار من حديث ابن الزبير. وحكم الذهبي بأنه "منكر" غير مقبول؛ لأن هذا المحمل من مدارك الأهواء"!!
فأقول: نعم! وللتعليل نفسه؛ لا يمكن القول بصحته لمجموع طرقه؛ لأن الشرط في ذلك أن لا يكون الضعف شديداً، كما هو مقرر في علم الحديث، وليس الأمر كذلك كما سبق بيانه. وظني أن الشيخ - رحمه الله - لو تتبع الطرق كما فعلنا؛ لم يخالف الذهبي في إنكاره للحديث. والله أعلم.
ومما يؤيد قول المقبلي - أن المحمل من مدارك الأهواء -: أن هذا الحديث عزاه الشيخ عبد الحسين الموسوي الشيعي في كتابه "المراجعات"(ص ٢٣ - طبع دار الصادق) للحاكم من حديث أبي ذر المتقدم (٣) ، موهماً القراء أن صحيح بقوله:
"أخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبي ذر (ص ١٥١) من الجزء الثالث من صحيحة (!) المستدرك"!
وهو- كعادته - لا يتكلم على أسانيد أحاديثه التي تدعم مذهبه، بل إنه