أقول: لا يظهر التعقب بمجرد ذكر التفرد المطلق، فيبدو لي أن البيهقي أشار بذلك إلى أنه تفرد مصحوب مع المخالفة لمن هو أوثق منه؛ فإن المهرقاني هذا - وإن كان صدوقاً لا بأس به -؛ فقد خالفه في لفظه جبل الضبط والحفظ: الإمام أحمد، فقال في "مسنده"(٢/ ٤٣٥) : حدثنا يحيى عن ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
"الذي يطعن نفسه؛ إنما يطعنها في النار. والذي يتقحم فيها يتقحم في النار. والذي يخنق نفسه يخنقها في النار".
قلت: فهذا هو نص الحديث الذي ضبطه الإمام أحمد رحمه الله تعالى بإسناده الحسن.
ويحيى شيخه فيه: هو ابن سعيد القطان، وهو شيخ المهرقاني كما رأيت.
والتقحم المذكور فيه؛ إنما هو التقحم في نار الدنيا، وليست الدنيا نفسها كما في رواية المهرقاني! ولعل أصل حديثه:"نار الدنيا"؛ فسقط من حفظه لفظ:"نار"، وقانا الله تعالى شر نار الدنيا والآخرة!
ثم رأيت الحديث قد أخرجه أبو عثمان البجيرمي في "الفوائد"(ق ٣٦/ ٢) من طريق محمد بن عمار بن عطية: أخبرنا حفص بن عمر المهرقاني: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ الترجمة.
ومحمد بن عمار بن عطية - وهو السكري الرازي -؛ قال ابن أبي حاتم (٤/ ١/ ٤٣) :
"روى عن أبي هارون البكاء وسهل بن عثمان العسكري".
ولم يذكر له راوياً، ولا جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول.