قلت: وهذا الدفع مدفوع ومردود؛ لأن تصريحه في حديث ابن عمر بالتحديث مما لا يطمئن القلب إليه؛ ذلك لأنه من رواية ابنه عطية بن بقية عن أبيه: حدثنا ... وعطية كانت فيه غفلة، كما قال ابن أبي حاتم (٣/ ١/ ٣٨١) . وقال ابن حبان:
"يخطىء ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة".
قلت: ومن كان فيه غفلة ومن عادته أن "يخطىء ويغرب"؛ فلا شك أنه لا يحتج به، فلا يثبت تصريح بقية بالتحديث بمثل روايته، وإنما يستشهد بها، فإن جاء له شاهد قويت؛ وإلا فلا؛ ولا شاهد هنا. فجزم القاري بأن بقية صرح فيه بالتحديث فيه غفلة عن حال عطية بن بقية! فتنبه.
الثالث: قوله: "وأما سعيد بن أبي سعد فذكره الخطيب قال: واسم أبيه عبد الجبار؛ وكان ثقة"!
فهو وهم فاحش منه عفا الله عنا وعنه؛ فإن هذا التوثيق لم يذكره أحد في ترجمة سعيد بن عبد الجبار الزبيدي، وإنما ذكروه في ترجمة سعيد بن عبد الجبار ابن يزيد القرشي؛ وهو ثقة من رجال مسلم؛ ففي ترجمته من "التهذيب" جاء قوله:
"وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة". وهذه الترجمة قبل ترجمة سعيد بن عبد الجبار الزبيدي. فكأن القاري انتقل بصره من هذه إلى تلك، فوقع في هذا الخطأ.
على أن سعيد بن عبد الجبار الزبيدي: هو غير سعيد بن أبي سعيد الزبيدي؛ قال الحافظ:
"فرق بينهما ابن عدي، فقال في الثاني: حديثه غير محفوظ، وليس هو