فأقول: لا؛ فإن الحافظ ابن كثير نفسه ذكره من حديث زيد قبل هذا؛ ثم ذكر طرفاً من حديث آخر فيه قوله:
"ثم يأتي قوم تسبق أيمانهم شهادتهم، وتسبق شهادتهم أيمانهم". وفي رواية:"ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون".
وهذه الرواية عند الشيخين من حديث عمران بن حصين، وهو مخرج في "الصحيحة"(١٨٤٠) .
وأخرجه الترمذي وغيره نحوه، وهو مخرج فيها (برقم ٦٩٩) .
والحديث الذي قبله: هو من حديث ابن مسعود، وهو مخرج فيها أيضاً برقم (٧٠٠) .
والذي يغلب على الظن: أن ابن كثير رواه بالمعنى، وأقرب الألفاظ إليه حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
"خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم - والله أعلم؛ أذكر الثالث أم لا، قال - ثم يخلف قوم يحبون السمانة، يشهدون قبل أن يستشهدوا".
أخرجه مسلم (٧/ ١٨٥) .
وأحسن ما جمع بين هذه الأحاديث وحديث زيد بن خالد: أن المراد به: من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه، فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها، ويخلف ورثة، ويختلف الورثة، فيأتي الشاهد إليهم، أو إلى من يتحدث عنهم؛ فيعلمهم بذلك؛ أفاده الحافظ في "الفتح"(٥/ ١٩٨) . ومن شاء الاطلاع على سائر الأقوال؛ فليرجع إليه.