جرير الطبري وإمام الجرح والتعديل ابن معين وغيرهم من طبقتهم، وثقوا محمد ابن حميد ورووا عنه؛ فهو شيخهم ومعتمدهم؛ كما يعترف به الذهبي في ترجمة محمد بن حميد من (الميزان)"!!
قلت: فيه أنواع من الكذب والتدليس:
أولاً: قوله: "وثقوا محمد بن حميد"!! كذب بهذا التعميم؛ فإن أحداً من المذكورين لم يصرح بتوثيقه؛ سوى بن معين، مع مخالفة الأئمة الآخرين إياه كما يأتي.
نعم؛ سائر المذكورين رووا عنه، ولا يلزم من ذلك أنه ثقة عندهم، كما هو معلوم عند العارفين بهذا الشأن. فهذا ابن خراش من الرواة عنه يقول فيه:
"حدثنا ابن حميد، وكان - والله - يكذب". وقال صالح جزرة:
"كنا نتهم ابن حميد في كل شيء يحدثنا؛ ما رأيت أجرأ على الله منه؛ كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضها على بعض"!
نعم؛ قد أثنى الإمام أحمد عليه خيراً، ولكن هذا ليس نصاً في التوثيق أيضاً؛ لاحتمال أنه لشيء آخر، وهو الحفظ والعلم مثلاً، وهذا هو الذي رواه ابنه عبد الله عنه، فقال عبد الله عن أبيه:
"لا يزال بالري علم؛ ما دام محمد بن حميد حياً".
ثم هب أنه يلزم من كل ذلك أنهم وثقوه؛ فمن المحتمل أن ذلك كان منهم قبل أن يتبين لهم كذبه الذي عرفه منه الآخرون من الأئمة؛ فقد قال أبو علي النيسابوري: