خامسا: قوله: وله طرق كثيرة ... يعني بذلك النصف الثاني من الحديث كما هو ظاهر من كلامه، وقد فهم منه المناوي أنه عنى الحديث كله! فقد قال في شرحه إياه بعد أن نقل إبطال ابن حبان إياه وحكم ابن الجوزي بوضعه:
ونوزع بقول المزي: له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن: ويقول الذهبي في " تلخيص الواهيات ": روى من عدة طرق واهية وبعضها صالح.
وهذا وهم من المناوي رحمه الله فإنما عنى المزي رحمه الله النصف الثاني كما هو ظاهر كلام السيوطي المتقدم، وهو الذي عناه الذهبي فيما نقله المناوي عن " التلخيص "، لا شك في ذلك ولا ريب.
وخلاصة القول: إن هذا الحديث بشطره الأول، الحق فيه ما قاله ابن حبان وابن الجوزي، إذ ليس له طريق يصلح للاعتضاد به.
وأما الشطر الثاني فيحتمل أن يرتقي إلى درجة الحسن كما قال المزي، فإن له طرقا كثيرة جدا عن أنس، وقد جمعت أنا منها حتى الآن ثمانية طرق، وروى عن جماعة من الصحابة غير أنس منهم ابن عمر وأبو سعيد وابن عباس وابن مسعود وعلي، وأنا في صدد جمع بقية طرقه لدراستها والنظر فيها حتى أتمكن من الحكم عليه بما يستحق من صحة أو حسن أو ضعف.
ثم درستها وأو صلتها إلى نحو العشرين في " تخريج مشكلة الفقر "(٤٨ - ٦٢) وجزمت بحسنه.
واعلم أن هذا الحديث مما سود به أحد مشايخ الشمال في سوريا كتابه الذي أسماه بغير حق " تعاليم الإسلام " فإنه كتاب محشوبالمسائل الغريبة والآراء الباطلة التي لا تصدر من عالم، وليس هذا فقط، بل فيه كثير جدا من الأحاديث الواهية والموضوعة، وحسبك دليلا على ذلك أنه جزم بنسبة هذا الحديث الباطل إلى