يمكنه السماع منه وكان موصوفاً بالتدليس! وهذا وذاك من النفي منفي بالنسبة ليزيد بن أبي حبيب؛ فإنه مات سنة ثمان وعشرين ومئة، وقد قارب الثمانين؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، وابن حبان نحوه في "الثقات"(٣/ ٢٩٥) ، وقد توفي أنس رضي الله عنه سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين، ومعنى هذا أنه أدرك من حياة أنس نحو خمس وثلاثين سنة، فكيف يقال:
"لم يدرك أن يسمع من أنس"؟! ثم هو لم يوصف بالتدليس؛ فما معنى أن يقال فيه:
"ولم يذكر أنه سمع منه"؟! فالمعاصرة كافية في مثله لإثبات الاتصال عند الجمهور، كما هو معلوم.
وجملة القول: أن الحديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وعنعنة الوليد.
ولذلك؛ فلا يصح الاستدلال به على ما ذهب إليه الجمهور من أن آية المحاربة منزلة على أحوال؛ نحو ما في هذا الحديث من التفصيل.
وذهب آخرون إلى أن (أو) فيها للتخيير؛ كما في قوله تعالى:(فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) ونحوها من الآيات؛ وهو الظاهر.
وقد ذهب إليه الشوكاني وصديق حسن خان، وهو قول ابن عباس - في رواية -، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعطاء، وغيرهم؛ وحكي عن الإمام مالك. والله أعلم.
ثم رأيت الإمام الشافعي قد أخرج الحديث في "مسنده"(ص ١١١ - طبع المطبوعات العلمية) : أخبرنا إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس