وإن من عجائب هؤلاء المتعصبة: أنهم يحتجون بالحديث الضعيف على خصومهم لرد أحاديثهم الصحيحة؛ ثم هم لا يعملون بما احتجوا به: عليهم؛ فهذا حديث الترجمة مثلاً، فإنهم لا يقولون بما فيه صراحة:"فإن لم يدرك الخطبة؛ فليصل أربعاً"؛ كيف وهم قد ردوا الحديث الصحيح:"من أدرك ركعة من الجمعة؛ فليصل إليها أخرى"؟! [انظر "الأجوبة النافعة"(ص ٤١) ، و "الإرواء"(٦١٥) ] فقالوا: بل من أدرك الإمام في الجمعة قبل السلام؛ فإنه يتمها ولا يصليها أربعاً؛ خلافاً للآثار الصحيحة عن ابن مسعود وابن عمر وغيرهما!
ومن البين الواضح أن من لم يعمل بهذه الآثار والحديث الموافق لها؛ لا يعمل من باب أولى بحديث الترجمة الذي احتجوا به على مخالفيهم في مجال آخر.
وإليك مثالاً آخر: الحديث المرسل المتقدم؛ فإنهم لا يعملون به، بل إنه لا يمكن العمل به، وذلك من أدلة ضعفه؛ لأن لازمه أنه كلما دخل داخل يريد أن يصلي التحية؛ فعلى الخطيب أن يمسك عن خطبته حتى يفرغ!! ولذلك؛ قال ابن المنير في رد جواب الحنفية المتقدم:
"إن الحديث لو ثبت؛ لم يسغ على قاعدتهم؛ لأنه يستلزم جواز قطع الخطبة لأجل الداخل، والعمل عندهم لا يجوز قطعه بعد الشروع فيه؛ لا سيما إذا كان واجباً". نقلته من "فتح الباري"(٢/ ٤٠٩ - طبعة الخطيب) .
ومن أوهام الشيخ مهدي قوله (٣/ ٢٩) :
"ألم يقرع بسمع (كذا) ابن حزم قوله - صلى الله عليه وسلم -: عليكم بالسواد الأعظم ... "!! فجزم بنسبة هذا الحديث إليه - صلى الله عليه وسلم -؛ ولا يصح؛ كما سبق بيانه برقم (٢٨٩٦) .
وكذلك صحح الحديث المتقدم (٥٩) : ".. أصحابي كالنجوم ... "