وعن أحمد بن منصور الرمادي قال:"قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن! تحفظ عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ... ؟ فقال لي: من روى هذا؟ قال: قلت: ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك؛ فقال: مثلك يقول مثل هذا؟! حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزهري أن عائشة ... ".
وجملة القول: أن الحديث ضعيف لا يصح، وأن الصواب فيه عن الزهري مرسلاً، وأن من قال عنه: عن عروة، أو قال: عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة؛ فقد وهم عليهما - بلا شك - وهماً فاحشاً؛ لمخالفة الحفاظ الثقات أولاً، وقد تقدم تسمية بعضهم - ومنهم مالك في "الموطأ"(١/ ٣٠٦/ ٥٠) -، ولمصادمة ذلك لتصريحه بأنه لم يسمعه من عروة، وإنما من رجل لم يسمه، فما لعروة - بله عمرة - بهذا الحديث صلة.
وإنما أفضت في الكشف عن علة الحديث وطرقه؛ لأني رأيت صنيع ابن التركماني في "الجوهر النقي" قد حشر ما وقع عليه من الطرق موهماً أن الحديث بها ثابت، ولا غرابة في ذلك؛ لما هو معروف به من التعصب للمذهب، وإنما الغرابة أن ابن القيم - بعدما ساق بعض الطرق المذكورة دون أي مناقشة لمفرادتها، وبيان ما في رواته من الضعف أو الشذوذ والمخالفة لروايات الثقات الأثبات - قال في "تهذيب السنن"(٣/ ٣٣٦) :
"فالذي يغلب على الظن: أن اللفظة محفوظة في الحديث، وتعليلها - لما ذكر - قد تبين ضعفه"!
وظني أن ابن القيم رحمه الله لو تتبع الطرق ورواتها - وما قاله الزهري نفسه من