عليه، فرد علي السلام ووجهه متغير، وما أحسب وجهه تغير إلا من الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: والله! ما لنا إلا هذا لك أن نذبح الداجن وتضعين ما كان عندك، ثم نحمله إلى رسول الله؟ قالت: أفعل من ذلك ما أحببت. قال: فذبحت الداجن، وصنعت ما كان عندها، وطحنت وخبزت وطبخت، ثم ثردنا في جفنة لنا، فوضعت الداجن، ثم حملتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعتها بين يديه، فقال:
"ما هذا يا جابر! "، قلت: يا رسول الله! أتيتك، فسلمت عليك، فرأيت وجهك متغيراً، فظننت أن وجهك لم يتغير إلا من الجوع، فذبحت داجناً كانت لنا، ثم حملتها إليك. قال:
"يا جابر! اذهب، فاجمع لي قومك"، قال: فأتيت أحياء العرب، فلم أزل أجمعهم، فأتيته بهم. فقال:
"أدخلهم علي أرسالاً". فكانوا يأكلون منها، فإذا شبع قوم خرجوا ودخل آخرون، حتى أكلوا جميعاً، وفضل في الجفنة شبه ما كان فيها، وكان يقول: ... (فذكره) .
ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع العظام في وسط الجفنة، فوضع يده عليها، ثم تكلم بكلام لم أسمعه؛ إلا أني شفتيه تتحركان، فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها، فقال لي:
"خذ شاتك يا جابر! بارك الله لك فيها".
فأخذتها ومضيت وإنها لتنازعني أذنها؛ حتى أتيت بها البيت، فقالت لي المرأة: ما هذه يا جابر؟! قلت: والله! شاتنا التي ذبحناها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دعا