حينئذ للمحاريب، وينبغي أن يكون ذلك متفقا بين المختلفين في هذه المسألة لو أنصفوا، ولم يحاولوا ابتكار الأعذار إبقاء لما عليه الجماهير وإرضاء لهم.
ثانيا: أن ما شرع للحاجة والمصلحة، ينبغي أن يوقف عندما تقتضيه المصلحة، ولا يزاد على ذلك، فإذا كان الغرض من المحراب في المسجد، هو الدلالة على القبلة، فذلك يحصل بمحراب صغير يحفر فيه، بينما نرى المحاريب في أكثر المساجد ضخمة واسعة يغرق الإمام فيها، زد على ذلك أنها صارت موضعا للزينة والنقوش التي تلهى المصلين وتصرفهم عن الخشوع في الصلاة وجمع الفكر فيها، وذلك منهي عنه قطعا.
ثالثا: أنه إذا ثبت أن المحاريب من عادة النصارى في كنائسهم، فينبغي حينئذ صرف النظر عن المحراب بالكلية، واستبداله بشيء آخر يتفق عليه، مثل وضع عمود عند موقف الإمام، فإن له أصلا في السنة، فقد أخرج الطبراني في " الكبير "(١ / ٨٩ / ٢) و" الأوسط "(٢ / ٢٨٤ / ٩٢٩٦) من طريقين عن عبد الله بن موسى التيمي، عن أسامة بن زيد، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن جابر بن أسامة الجهني قال:
" لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في السوق، فسألت أصحاب رسول الله أين يريد؟ قالوا: يخط لقومك مسجدا، فرجعت فإذا قوم قيام، فقلت: ما لكم؟ قالوا: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، وغرز في القبلة خشبة أقامها فيها.
قلت: وهذا إسناد حسن أو قريب من الحسن رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب "، لكن التيمي مختلف فيه وقد تحرف اسم أحدهم على الهيثمي فقال في " المجمع " (٢ / ١٥) : رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه معاوية بن عبد الله بن حبيب، ولم أجد من ترجمه.
وإنما هو: معاذ لا معاوية وابن خبيب بضم المعجمة، لا