واعلم أنه مما لا يخفى علي - والحمد لله - أن مثل هذا الجرح والذي قبله مما لا يسقط صاحبه من مرتبة الاحتجاج بحديثه مطلقاً! كلا، ولكن قل من يعلم من المشتغلين بهذا العلم أن مثله مما يعرض صاحبه لنقد حديثه عند مخالفته لمن هو أوثق منه، فيصير بسبب ذلك حديثه شاذاً، أو منكراً.
وهذا هو الواقع في هذا الحديث؛ فقد جاء من طرق دون قوله:
(فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها) !
بل جاء كذلك من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به.
أخرجه أحمد (١/ ٢١٣) قال: حدثنا حجين بن المثنى وأبو أحمد (يعني: الزبيري) - المعنى - قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق به؛ دون الزيادة.
أما الطريق الثانية؛ فهي من رواية الحكم بن عتيبة عن ابن عباس به.
أخرجه أحمد أيضاً (١/ ١١٣) ؛ ورجاله ثقات كالذي قبله.
قلت: فاتفاق هذه الطرق الثلاث على خلاف رواية يونس؛ لدليل واضح على شذوذ ما تفرد به دونهم، بل وعلى نكارته؛ فإنه يحتمل أن يكون ذلك من أبي إسحاق نفسه، حدث به في حالة اختلاطه؛ فذكرها تارة، فسمعها منه يونس،