ذلك أن تساهل جمهو ر المسلمين، علماء، وخطباء، ومدرسين، وغيرهم، فى رواية الأحاديث، والعمل بها، وفي هذا مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة في التحذير من التحديث عنه صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت من صحته عنه صلى الله عليه وسلم كما بيناه في المقدمة.
ثم إن هذا الحديث وما في معناه كأنه عمدة من يقول بجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، ومع أننا نرى خلاف ذلك، وأنه لا يجوز العمل بالحديث إلا بعد ثبوته، كما هو مذهب المحققين من العلماء، كابن حزم، وابن العربي المالكي، وغيرهم - فان القائلين بالجواز قيدوه بشروط:
منها أن يعتقد العامل به كون الحديث ضعيفا.
ومنها: أن لا يشهر ذلك، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف، فيشرع ما ليس بشرع، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة. كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في " تبيين العجب بما ورد فى فضل رجب "(ص ٣ - ٤) قال: " وقد صرح بمعنى ذلك الأستاذ ابن عبد السلام وغيره، وليحذر المر من دخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم: " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين "، فكيف بمن عمل به، ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام، أو في الفضائل، إذ الكل شرع.
قلت: ولا يخفى أن العمل بهذه الشروط ينافي هذا الحديث الموضوع، فالقائلون بها، كأنهم يقولون بوضعه. وهذا هو المطلوب - فتأمل.
ثم رأيت رسالة ابن ناصر الدين في صلاة التسابيح التي نقلت عنها تجويده لإسناد هذا الحديث قد طبعت بتعليق المدعومحمود بن سعيد المصري، وقد شغب فيها علينا ما شاء له الشغب - كما هي عادته - وتأول كلام العلماء بما يتفق مع جدله بالباطل، ومكابرته الظاهرة لكل قاريء، ولا مجال الآن للرد عليه مفصلا، فحسبي أن أسوق مثالا واحدا على ما نقول: