"ورواه عنه قاسم بن أصبغ، وسكت عليه عبد الحق مصححاً له. قال ابن القطان: وما مثله يصحح؛ فإن فيه أوس بن عبد الله بن بريدة، منكر الحديث".
وقد عرفت أن الحديث عند ابن عبد البر من طريق قاسم بن أصبغ؛ ففيه إذن أوس بن عبد الله؛ وهو متروك.
وقد خفي هذا على محقق "الوابل الصيب" لابن القيم - الشيخ إسماعيل الأنصاري -؛ فإنه مع كونه لم يفصح عن درجته؛ خلافاً لما نص عليه في مقدمته؛ فإنه تكلف جداً في تأويل عزو ابن تيمية الحديث هذا لـ "الصحاح" كما تقدم، وقد تبعه ابن القيم في "الوابل"! بل وأوهم الشيخ القراء بأنه صحيح، فقال:
"فيمكن أن يكون مرادهما بكونه في "الصحاح": أنه في الأحاديث الصحيحة؛ لأن عبارة "في الصحيح" قد تطلق على الصحيح المقابل للحسن والضعيف، كما تطلق على ما في بعض الكتب التي التزم مؤلفوها فيها الصحة"!!
قلت: الإطلاق الآخر هو المتبادر والمعروف عند علماء الحديث.
وأما الأول؛ فغير معهود إلا نادراً جداً، ولقرينة قوية، وإلا؛ كان تدليساً وتضليلاً، وليس هنا في كلام الشيخين أية قرينة، بل القرينة فيه تؤكد أنه بالمعنى المعروف؛ فإن الأحاديث التي أورداها في فصل "الفأل والطيرة"، كلها في "الصحاح" بالمعنى المعهود؛ فهذا يبعد أن يكونا أراد بذلك المعنى النادر.
ثم هب أن هذا هو المراد؛ فهل الحديث صحيح الإسناد، حتى يؤول كلامهما بذاك التكلف البارد؟! نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصدع بالحق، وأن لا تأخذنا في