"منهاج الصالحين"، فلقد كان موقفه من هذا الأثر موقفاً آخر معاكساً لموقف الشيخ الصابوني تماماً؛ فإنه أنكره أشد الإنكار في أول كتابه:"موازين القرآن الكريم"(ص ١٣-١٤) ، وكتابه الآخر:"موازين القرآن والسنة"(ص ٦٩) .
وبقدر ما أصاب في إنكاره إياه؛ فقد أخطأ أقبح الخطأ في اعتباره إياه مثالاً لبعض الأحاديث الموضوعة التي وردت في كتب التفسير، وجهل أو تجاهل - لسوء طويته - أنه ليس حديثاً؛ وإنما هو من الإسرائيليات!
فتأمل تباين موقف الرجلين من هذا الأثر، ثم تأمل كيف يلتقيان في الإساءة - بجهلهما - إلى الإسلام، وتوهمهما الأثر حديثاً، ذاك بتأويله إياه، وهذا بضربه له مثالاً للأحاديث الموضوعة، لا سيما وقد أتبعه بمثال آخر، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"خلق الله التربة يوم السبت ... " الحديث، وهو صحيح لا غبار عليه سنداً ومتناً؛ رواه مسلم في "صحيحه"! ومع ذلك جعله (بليق) مثالاً آخر للأحاديث الموضوعة! وسود لإثبات ذلك - زعم - ست صفحات (١٥-٢١) !
وأصل ضلاله هذا؛ إنما هو من سوء الفهم، ولربما من سوء القصد - أيضاً -؛ فإنه فسر (التربة) فيه بأنها الأرض! والصواب أنها التراب، كما يدل عليه تمام الحديث واللغة، على ما بينته في آخر المجلد الرابع من "السلسلة" الأخرى: "الصحيحة"(الاستدراك ١٥) .
ومن عجيب حال هذا الرجل: أنه في الوقت الذي يطعن في عشرات الأحاديث الصحيحة في كتابه الثاني المتقدم، وبعضها متواتر؛ كأحاديث عيسى عليه السلام وغيرها فهو في الوقت نفسه قد حشا كتابه "المنهاج" بمئات الأحاديث الضعيفة والمنكرة، وبعضها من الموضوعات، كحديث عرض الحديث