قلت: يبدو لي أن في هذا القول تسامحاً كبيراً؛ فإن من المعروف عند العلماء أن مثله إنما يقال في الأمر المحتمل، وليس فيما هو مجزوم به كما هو الشأن في هذه الرواية؛ فإن في وفاته أقوالاً، أكثرها أنه مات قبل عثمان بسنة، وعثمان توفي سنة (٣٥) ، فيكون بين وفاتيهما نحو (٧٤) أربع وسبعين سنة , فمثله لا يمكن أن يسمع منه من كانت وفاته سنة (١٠٨) كالمقرائي هذا، إلا أن يكون معمراً قديم الولادة , وهذا غير معروف عنه، والأصل عدمه. فهو لم يسمع منه جزماً، وإذا كان من ذكرنا من الأئمة قد نفوا سماعه من ثوبان - ووفاته سنة (٥٤) -، ومن سعد بن أبي وقاص - ووفاته سنة (٥٥) -، فكذلك يقال في روايته عن عائشة أنه لم يسمع منها؛ لأنه توفيت سنة (٥٧) , فأولى وأولى الجزم أنه لم يسمع من أبي الدرداء، وهو قديم الوفاة كما بينا.
وجملة القول؛ بأن هذا الإسناد علته الانقطاع , فثبت ضعفه.
ثم إن في متن الحديث نكارة من ناحيتين:
الأولى: ذكر الكافر فيه؛ فإن الحديث محفوظ من رواية جمع من الصحابة؛ كأبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم؛ عن النبي به نحوه دون ذكر الكافر، وهذه الأحاديث في «صحيح مسلم» وغيره، وبعضها مخرج في «صحيح أبي داود»(٦٦٩، ٧٠٠) .