ورواه عنه الخطيب في " تاريخ بغداد "(٧ / ١٢٤) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق "(١٠ / ٢٠٨ - ٢٠٩، ٢١٢ - ٢١٣) ، وتجد عندهما روايات أخرى في ذلك عن ابن معين وغيره.
وأما الآخر - وهو اتهامه بأنه كان يدلس تدليس التسوية -؛ فما أعتقد أن ذلك صح عنه، وذلك لأمور:
أولاً: أن استدلال أبي حاتم برواية إسحاق بن راهويه عن بقية - إن كانت محفوظة - لا تنهض بذلك؛ لأن فيها تصريح أبي وهب - شيخ بقية - بالتحديث عن نافع، وكذلك صرح بقية بالتحديث عن أبي وهب، فهي رواية مسلسلة بالتحديث، فأين التدليس المدَّعى؟ ! والمدلس إذا أسقط من الإسناد راوياً - سواء كان شيخه أو شيخ شيخه -؛ رواه بصيغة توهم السماع؛ كأن يقيل: قال فلان، أو: عن فلان، ونحوه. فلو قال مكان ذلك: سمعت، أو: حدثني، أو نحو ذلك مما هو صريح في الاتصال؛ كان كذباً، وسقطت به عدالته (١) ، وبقية صدولَى اتفاقاً، وقد قال أبو زمعة:" ما لبقية عيب إلا كثرة روايته عن المجهولين، فأما الصدق فلا يؤتى من الصدق، وإذا حدث عن الثقات فهو ثقة "؛ كما رواه عنه ابن أبي حاتم (١ / ١ / ٤٣٥) ، وتقدم نحوه عن يعقوب الفسوي.
ولذلك؛ اضطر أبو حاتم إلى توهيم الإمام إسحاق بن راهويه في الإسناد: حدثنا نافع) ؛ لتصوره الانقطاع بين أبي وهب ونافع؛ الناتج من إسقاط بقية لابن أبي فروة من بينهما! وإذا جاز مثل هذا التوهيم منه، أفلا يجوز لغيره أن يقول:
(١) انظر " جامع التحصيل في أحكام المراسيل " للعلائي (ص ١١٣.)