راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال:
" في كتاب الله - يعني: آية الرحمة -: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} . قال: {وَهُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} . وقال - يعني: في آية العذاب -:
{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} . وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا
صَرْصَرًا} ".
قلت: وهذا الأثر لا يصح؛ لا من حيث إسناده، ولا من حيث دلالته.
أما الأول: فلأن فيه شيخ الشافعي الذي لم يسمه؛ على الرغم من وصفه إياه
بأنه غير متهم عنده، ومن شيوخه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو
إسحاق المدني، وهو متروك متهم بالكذب، فلا يبعد أنه يعنيه بذاك الوصف.
وشيخه العلاء بن راشد؛ أورده البخاري في " التاريخ الكبير " وابن أبي حاتم،
ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما عدم صحته من حيث الدلالة؛ فلأن هناك آية أخرى تدل على أنه لا
فرق بين (الرياح) و (الريح) . فكما أن (الرياح) تستعمل في الرحمة،
فكذلك (الريح) ، وجرى العمل بذلك في الأحاديث الصحيحة.
وكأن الخطابي تلقى التفريق بين اللفظين عن الإمام أبي عبيد القاسم بن
سلام؛ فقد حكاه أبو جعفر الطحاوي في " مشكل الآثار " (١ / ٣٩٨) عنه،
واستشهد على ذلك أبو عبيد بحديث الترجمة، فرد عليه الطحاوي بقوله:
" أما الحديث؛ فلا أصل له، وقد كان الأولى به - لجلالة قدره ولصدقه في
روايته غير هذا الحديث - أن لا يضيف إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا يعرفه أهل