اجتمعت أنا وسفيان ويحيى بن سليم في الحجر - أو قال: في الحطيم -، فحدث يحيى سفيان عن ابن المنكدر يرويه:. . . فذكره.
قلت: وهذا مرسل، لأن ابن المنكدر - واسمه محمد - تابعي، وقوله:" يرويه " محمول على الرفع عند المحدثين، ورجاله ثقات غير شيخ أبي نعيم: إسحاق بن إبراهيم بن يوسف، فلم أعرفه، فلعله آفة هذا الحديث، فإنه منكر جدا مع إرساله، بل موضوع، فإن حب الدنيا ليس مذموما لذاته، وإنما لما يتريب عليه - عادة - من الانصراف عن الطاعات، والانغماس في الشهوات. فإذا خلا حبها من هذه المحذورات، بل اقترن مع القيام بجميع الفرائض المستلزم الابتعاد عن جميع المعاصي، فما وجه التشهير بمثل هذا المحب - إن وجد - حينئذ؟ ولعل أصل هذا الحديث من الإسرائيليات، فإنها - على الغالب - لا تخلو من مثل هذه المبالغات، التي لا يجوز نسبتها إلى النبي
صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
ثم يشاء الله تبارك وتعالى أن أكتشف أنه وقع خطا مطبعي في اول إسناد الحديث، فإنه هكذا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يوسف: ثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت بشير بن أبي السري به!
والصواب: حدثنا إسحاق عن إبراهيم بن يوسف. . . دل عليه أثران آخران قبله، قال:
حدثنا إسحاق بن أحمد بن علي: ثنا إبراهيم بن يوسف: ثنا أحمد بن أبي الحواري. . .
حدثنا إسحاق بن أحمد: ثنا إبراهيم بن يوسف: ثنا أحمد بن أبي الحواري. . .