وأخرج ابن جرير أيضًا وعبد بن حميد؛ كما في ((الدر المنثور)) (٥ / ١٧٤) من طريق أبي سنان قال:
كنت مع علي بن عبد الله بن عباس عند وادي جهنم، فحدث عن أبيه أنه قال:{فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} ، فقال:
((هذا موضع السور عند وادي جهنم)) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته أبو سنان - واسمه عيسى بن سنان القَسْمَلِي -؛ ليِّن الحديث؛ كما في ((التقريب)) .
وبالجملة؛ فهذه الأحاديث - مع ضعف أسانيدها - منكرة من حيث متونها؛ لمخالفتها لما قبل الآية المذكورة وما بعدها؛ قال تعالى في أول سورة الحديد:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} .
فهذا السياق صريح بأن ضرب السور إنما هو يوم القيامة. وأن (السور) حائط بين الجنة والنار؛ كما رواه ابن جرير عن قتادة وغيره.
وهو الصحيح؛ كما قال ابن كثير.
وما أحسن ما قاله الشوكاني في هذه الآثار:
((ولا يخفاك أن تفسير السُّوْر المكور في القرآن في هذه الآية بهذا السور