وتبعه الذهبي في " الميزان " و " المغني "، والعسقلاني في " التلخيص " (١ /
١٨٦) ، وهذا هو الصواب؛ لأن الرجل لا يعرف إلا برواية ابن وهب عنه، فهو
مجهول العين! وابن حبان معروف عند العلماء بتساهله في توثيق المجهولين، وهو
أمر ظاهر جداً لمن تتبع كتابه " الثقات "؛ فقد وثق فيه - أو بعبارة أدق: أورد فيه -
المئات من الجهولين، وفيهم جمع كثير لا يعرفون إلا برواية من هم مثلهم في
الجهالة، أو من الضعفاء المعروفين عند الحفاظ بالضعف. تبين لي هذا وأنا في
صدد ترتيب رجاله على الحروف وتعليقي على كثيرين منهم. يسر الله لي إتمامه.
وللتاريخ أقول: لقد كنتُ التقيتُ الشيخَ أحمدَ - رحمه الله تعالى - في مكة
في حَجتي الأولى - وذلك قبل أكثر من أربعين سنة -، وزرته في الفندق الذي كان
نازلاً فيه، وعرّفته بنفسي وأني أرغب أن أعرف رأيه بالتفصيل في اعتداده بتوثيق
ابن حبان، فاعتذر بمرض زوجته! ثم قدر لي أن سافرت بعد الحج إلى المدينة لزيارة
المسجد النبوي، فأخبرت بأن لشيخ نازل في فندق لا أذكر اسمه، فزرته، وطلبت
منه أن يشرح لي وجهة نظره في توثيق ابن حبان، وذكرته بما قاله فيه الحافظ ابن
عبد الهادي، وابن حجر العسقلاني، فلم يأت بشيء! سوى أنه قال: لا يجوز
للمتأخرين إلا أن يعتدوا بجهود العلماء المتقدمين وعلمهم، فوافقته في هذا بداهة،
ولما لفتُّ نظره إلى أن هذا شيء وما نحن فيه شيء آخر؛ لأن ابن حبان خالف
العلماء كما شرحه الحافظان المشار إليهما، فإذا هو - سبحان الله - شعلة نار،
لا يمكن مناقشته! فجلستُ قليلاً، ثم استأذنت منصرفاً بخُفَّيْ حُنَيْن!
هذا؛ ولعله لما ذكرت من الجهالة أشار البيهقي في كتاب النكاح قبيل سوقه
للحديث إلى تضعيفه بقوله:
" وفي اعتبار الكفاءة أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة ".