هي التي تكشف عن الحقيقة، وأنه غير سعيد بن عبد الله الجهني.
وبالجملة؛ فخطأ ابن حبان عندي أفحش من خطأ الحاكم، وذلك؛ لأنه زاد
عليه أنه ذكر الحديث في ترجمة (الجمحي) مؤكداً الخطأ الذي ورد في
إسناده للحديث! ثم إنه زاد الطين بِلَّةً - كما يقال -، بإساءته
القول في المترجم فقال: «يروي عن عبيد الله بن عمرو وغيره من الثقات
أشياء موضوعة يتخايل إلى من يسمعها أنه كان المتعمد لها» !
مع أن الجمحي هذا معروف؛ وثقه غير واحد، وأخرج له مسلم، ولذلك؛ قال
الذهبي بعد أن نقل توثيقه عن ابن معين وغيره:
«وأما ابن حبان؛ فإنه خساف قصاب» !
والخلاصة: أن علة الحديث جهالة سعيد بن عبد الله الجهني، وأنه من
جعله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي؛ فقد وهم! ولو أن الحديث كان من
روايته؛ لكان حسناً في أسوأ أحواله. والله أعلم.
(تنبيه) : جاء في «شرح الإحياء» للزبيدي ما نصه:
«قال الذهبي: وسعيد مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الضعفاء. اهـ» .
كذا فيه! وأظنه وهم في قوله: «الذهبي» ؛ فإن هذا إنما هو قول
الحافظ كما تقدم. على أن هذا النقل فيه اختصار مخل؛ لأنه يوهم أن
الذي ذكره ابن حبان في «الضعفاء» هو سعيد الجهني، والواقع أنه سعيد
الجمحي، وأن الجهني إنما أورده في «الثقات» ؛ كما تقدم بيانه.