ومن المعروف عند أهل العلم بهذا الفن. أن خطأ الراوي الثقة فضلاً عمن دونه؛ كذا الصدوق الذي يخطئ - يظهر بمخالفته لمن هو أوثق منه، فكيف به إذا خالف الثقات في أحاديثهم؟ فإن الكثير منهم قد رووا عنه - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الجلوس والقعود والوطأ على القبور، وقد كنت خرجت ثلاثة منها في ((أحكام الجنائز)) (٢٠٩ - ٢١٠) ورابعاً في آخر الكلام على هذا الحديث في المجلد المشار إليه آنفاً، ثم خرجته تخريجاً علمياً دقيقاً في المجلد السادس برقم (٢٩٦٠) ، وهو من رواية عمرو بن حزم قال:
رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبر فقال:
((انزل عن القبر، لا تؤذ صاحب القبر)) .
وإسناده صحيح؛ كما حققته هناك تحقيقاً لا تراه في كتاب. وهو نص قاطع يبطل تأويل تلك الأحاديث الصحيحة بأن المراد بها إنما هو الجلوس للغائط أو البول، بهذا الحديث المنكر، وصنوه الآخر، وعدت بزيادة الكلام عليه، فأقول:
أما الآخر: فقد وقفت على طريق أخرى، فرأيت أنه لا بد من بيان حاله، فأقول: روى الروياني فى ((مسنده)) (ق / ٢١٩ / ٢) فقال: نا أحمد بن عبد الرحمن: نا عمي: نا محمد بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة: أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال:
((من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط؛ فكأنما جلس على جمرة من نار)) . قلت: وهذا إسناد واهٍ. قال ابن حبان في ترجمة عبيد الله بن زحر (٢ / ٦٢ - ٦٣) :