أقول: الشطر الأول من هذا الكلام مسلّم لا غبار عليه، ولكن ذلك مما لا ينفق
في النقاش العلمي القائم علي قواعد علم الحديث؛ لما سبق بيانه آنفاً من تساهل ابن حبان والحاكم.
وأما الشطر الثاني منه؛ فجوابنا عليه:
نعم؛ لا يضر ذلك إذا عرفت ذاته؛ ولكنها فرضية تخالف واقع الراوي؛ بل الراويين؛ فإنهما مجهولان حتى عند الحافظ كما تقدم.
فسامحه الله! لقد كان بحثه حول هذا الحديث على خلاف ما نعهده منه من العلم والتحقيق، حتى لكأنه ابن حجر آخر!
وجاء من بعده الشيخ الغماري: أحمد، فأخرجه في كتابه:((الهداية في تخريج أحاديث البداية)) (٢ / ٣٩٢ - ٣٩٣) تخريجاً مختصراً جداً، يحسن كثير من الطلبة خيرا ًمنه، وقال عقبه مغتراً بتحسين الحافظ له:
((وصححه ابن حبان وغيره، وحسنه الحافظ، وضعفه بعض المتقدمين؛ لصورة الاضطراب الواقع في إسناده؛ لكنه عند الطيالسي من وجه آخر.
والحديث صحيح كما قال ابن حبان)) !
كذا قال! وأظن أنه - كغيره - لم يعط لهذا البحث حقه من المراجعة والتحقيق، وإلا؛ لما خفي عليه - على الأقل - الجهالة التي في سند ابن حبان، ومن قرنهم معه، وتشبثه بالوجه الآخر عند الطيالسي لا يفيده شيئاً؛ لجهالة تابعيه، الذي يمكن أن يكون هو عين حريث الذي في طريق الآخرين كما تقدم.