فتأمل أيها القاري الكريم كيف فرق الإمام ابن دقيق العيد بين من يقال فيه:
" منكر الحديث " وبين من قال فيه أحمد: " يروي مناكير "، مع كونه ثقة؛ يتبين
لك أن الرجل لا يوثق بنقله؛ لأنه يموه به على الناس ويبعد بهم عن الحقيقة التي كان عليه أن لا يكتمها، وإن مما لا يرتاب فيه ذو فقه في اللغة أن قول أحمد في عمر:" أحاديثه مناكير " مثل قول من قيل فيه: " منكر الحديث "؛ بل لعل الأول أبلغ، فهو يستحق الترك لحديثه؛ فإن هذا ممن قال فيه أحمد:" يروي مناكير ".
ذاك مثال من تلاعب الرجل بأقوال العلماء وتدليسه بها على القراء.
ومثله تحريفه لكلام الذهبي المتقدم في حديث الترجمة:
" فهذا مما استنكر لعمر ".
فإنه تأوله بأنه أراد أنه من مفاريد عمر! بعد أن سود صفحة كاملة في بيان معاني (النكارة) ؛ تمويها وتضليلا، جاهلا أو متجاهلا - وأحلاهما مر - أن الذهبي قال هذه الكلمة بعد أن ضعف عمر كما تقدم، وإنما يمكن أن يؤول ذاك التأويل لو قاله في عمر وهو عنده ثقة، وهيهات!
وإن من عجائب هذا الرجل أنه أيد تحريفه المذكور بقوله (ص ١٤٧) :
" ثم ختم الترجمة بقوله: واحتج به مسلم ". وعقب عليه بقوله:
" ومن المعلوم أن مسلما لا يحتج إلا بثقة عنده "!
نقول: نعم؛ وهل البحث في كونه ثقة عند مسلم؟ ! هذا أمر مفروغ منه، وإنما ذلك من الذهبي لمجرد البيان، فأين التأييد المزعوم بعد ذاك التضعيف الصريح في