كان صحيحا فإنه يتقوى بالشواهد إلى درجة أنه قد يصير بها مشهورا أو متواترا، وهل ألفت المستخرجات على " الصحيحين " إلا تقوية لهما؛ كما هو مفصل في " علم المصطلح "، فكيف يقول هذا المتعالم: إن حديث مسلم لا يتقوى بالشواهد التي أشار إليها لو كانت شواهد حقا؟ !
أما الناحية الأخرى: فقد أجرى الله بحكمته على لسان ذاك المتعالم رغم
أنفه الحق في قوله:" إن تلك الشواهد لا يتقوى بها حديث مسلم "، وذلك؛ لأنها شواهد قاصرة؛ فإن أحدها عن أبي هريرة بلفظ:
" هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله. . ثم يجلس بعد ذلك فيقول: فعلت كذا. . الحديث ".
والآخر بلفظ:
" لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها؛. .
فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون ". قلت: فهذان حديثان مختلفان سياقا ومتنا كما هو ظاهر، فكيف يصح جعلهما شاهدين للحديث وفيه ذاك الوعيد الشديد:" إن من أشر الناس عند الله منزلة. . . "، وفي اللفظ الآخر:" إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة. . . "؟ ! ذلك مما لا يصح مطلقا عند من يفهم ما يخرج من فمه!
نعم؛ هما يلتقيان معه - دون شك - في التحذير عن نشر السر، وفي مثل ذلك يقول الترمذي بعد أن يذكر حديثا في باب من الأبواب: وفي الباب عن فلان وفلان. فإنه لا يريد بذلك تقوية حديث الباب برمته؛ خلافا لما يفهمه بعض الطلبة! وقد بين ذلك الحافظ العراقي في " شرح مقدمة علوم الحديث "؛ فقال