الحافظ لإسناده غير مفكر فيما تقتضيه الصناعة الحديثية، وكذلك فعل جمهور ممن ذهب إلى القول بأن وجه المرأة عورة؛ كالشيخ التويجري وغيره من المقلدين حَدِيثًا وَفِقْهًا! ولعلهم ظنوا لما رأوا تصحيح من صححه ممن سبقت الإشارة إليه أنه لا خلاف في ذلك، وذلك لضيق عطنهم، وعدم درايتهم بأقوال المضعفين، وعلى رأسهم الإمام أحمد ثم البيهقي وابن عبد البر! ولعل بعضهم عرف ذلك ثم تجاهله لغاية في نفسه، ومنهم - مع الأسف - الشيخ عبد القادر السندي في " رسالة الحجاب "(ص ٤٩ / الطبعة الخامسة) ؛ فقد صرح بأن إسناده صحيح، ونقل كلام الحافظ في تقوية إسناده، وكلامه في " تهذيب التهذيب "، وكذا كلام المزي في " تهذيبه "، وليس فيها أكثر مما سبق بيانه: أنه روى عن نبهان محمد بن عبد الرحمن أَيْضًا، وأنه وثقه ابن حبان، وعزا إلى المزي - بناء على ذكره هذا الحديث وحديث المكاتب في ترجمة نبهان وتصحيح الترمذي لهما - أنه ثقة يحتج بحديثه! وفيه تحميل لصنيع المزي ما لا يريده؛ فإن كتابه خاص بذكر ما قيل في المترجم من توثيق أو تجريح، وليس أنه يذكر فيه ما يتبناه هو لنفسه، ألا ترى أن الحافظ كما حكى توثيق ابن حبان في " اَلتَّهْذِيب " لم يتبنه في " التقريب " فلم يوثقه فيه؛ بل لينه كما تقدم بيانه، والسبب هو ما ذكرته!
هذا؛ وإنما نسبت المذكور إلى تجاهل علة الحديث لأمرين اثنين ذكرت آنِفًا أحدهما. والآخر: أنه عزا الحديث للبيهقي بالجزء والصفحة (٧ / ٩١ - ٩٢) ، وهناك لا بد أنه رأى تعقب ابن التركماني للبيهقي بقوله:
" قلت: في سنده نبهان، سكت عنه البيهقي هنا، وقال في (أبواب المكاتب) :
" صاحبا (الصحيح) لم يخرجا عنه، وكأنه لم يثبت عدالته عندهما. . . .) إلى آخر كلامه المتقدم منا، وإذ الأمر كذلك؛ فلا بد أنه رجع إلى الأبواب المشار إليها،