سمع من أبي سعيد أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي يحضر بصفته، فإذا قال الكلبي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فيحفظه، وكناه أبا سعيد ويروي عنه، فإذا قيل له: من حدثك هذا؟ فيقول:
حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري، وإنما أراد الكلبي!
قال: لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب.
فهل تدري أيها القاريء الكريم ما كان موقف الشيخ الكوثري تجاه تلك الأقوال المشار إليها في تضعيف الرجل؟ إنه لم يشر إليها أدنى إشارة واكتفى بذكر أقوال القلة الذين وثقوه، الأمر الذي ينكره على خصومه (انظر ص ٣٩٢ من " مقالاته " وليته وقف عند هذا، بل إنه أو هم أن سبب تضعيفه أمر لا يصلح أن يكون جرحا فقال (ص ٣٩٤) : وعطية جرح بالتشيع، لكن حسن له الترمذي عدة أحاديث.
وقصده من هذا إفساح المجال لتقديم أقوال الموثقين بإيهام أن المضعفين إنما ضعفوه بسبب تشيعه، وهو سبب غير جارح عند المحققين، مع أن السبب في الحقيقة إنما هو خطأه كثيرا كما تقدم في كلام الحافظ ابن حجر، فانظر كم يبعد التعصب بصاحبه عن الإنصاف والحق!
وأما تحسين الترمذي له فلا حجة فيه بعد قيام المانع من تحسين الحديث، والترمذي متساهل في التصحيح والتحسين، وهذا شيء لا يخفى على الشيخ - عفا الله عنا وعنه - فقد نقل هو نفسه في كلامه على حديث الأو عال الذي سبقت الإشارة إليه عن ابن دحية إنه قال: كم حسن الترمذي من أحاديث موضوعة وأسانيد
واهية؟ ! وعن الذهبي أنه قال: لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي (انظر ص ٣١١ من " مقالات الكوثرى ") .